اكتشف غابات العود في كمبوديا: و سر انقراض العود الكمبودي القديم!

2 فبراير 2024
Breakthrough Collection
اكتشف غابات العود في كمبوديا: و سر انقراض العود الكمبودي القديم!

في مقالنا السابق، سافرنا معًا في رحلة استكشافية عبر غابات العود الساحرة في جنوب شرق آسيا من الهند 🇮🇳، الى بنغلاديش 🇧🇩 وبورما 🇲🇲، مسلطين الضوء على أشجار الأكيلاريا أجالوشا المشهورة بإنتاجها لراتنج العود العطري. تتميز هذه الأشجار بقدرتها الفائقة على إنتاج راتنج ذو رائحة قوية وعميقة، مع نفحات خشبية 🪵، ذات لمحات ترابية وتوابل سبايسي 🌶️ ، وهو ما يجعلها مطلوبة لشدة فوحانها وثباتها.


أوضحنا في المقال تأثير البيئة المحيطة، بما في ذلك نوع التربة، والرطوبة والظروف المناخية 🍃، على خصائص الرائحة الفريدة للعود ودهن العود. استعرضنا أيضًا اسماء الغابات الرئيسية والشهيرة في الهند، وبنغلاديش، وبورما، مشيرين إلى خصائص البيئة التي تسهم في نمو وجودة شجرة العود هناك. بإمكانك قراءة تفاصيل المقال السابق على هذا الرابط. "اكتشف النوع الأول من شجر العود: رحلة مذهلة الى غابات الهند وبورما".


في هذا المقال، سنتحدث عن الفصيلة الثانية لشجرة العود ونركز تحديداً على غابات كمبوديا.


أكيلاريا كراسنا (Aquilaria crassna):

🌳 فصيلة أكيلاريا كراسنا، من أشهر الفصائل استخداما وتواجداً في الأسواق. لدرجة أن اشجار الغابات الطبيعية منها باتت مهددة بالانقراض تماماً. ومعظم العود المتواجد في الأسواق اليوم منها هو عود مزارع. حيث انه في العقود الأخيرة، أصبحت شجرة أكيلاريا كراسنا محور اهتمام الجهات البيئية والمنظمات الدولية في العديد من الدول، وذلك بسبب الإفراط في استغلال وقطع 🪓 شجر الغابات. الآن، يتم التركيز على زراعتها بطرق مستدامة والحصاد والقطع القانوني ♻️، وذلك لضمان بقائها للأجيال القادمة والحفاظ على إرثها العطري الفريد.


تنمو كراسنا في مناطق محددة في جنوب شرق آسيا. وتشتهر بشكل خاص في كمبوديا 🇰🇭، وهو ما يفسر الاسم الشائع “العود الكمبودي” الذي يطلقه الكثير على أي نوع من خشب العود أو أي نوع من دهن العود من فصيلة كراسنا لتقارب وتناغم كثير من الروائح الناتجة من راتنج كراسنا. وبالإضافة إلى كمبوديا، يمكن العثور على أكيلاريا كراسنا على نطاق واسع في عدة دول أخرى في المنطقة مثل تايلاند 🇹🇭، وفيتنام 🇻🇳، ولاوس 🇱🇦.


- خصائص الراتنج: راتنج أكيلاريا كراسنا يتمتع برائحة غنية ومعقدة تعتبر أكثر دقة ورقيًا، عند بعض المستخدمين، من الأنواع الأخرى. يُلاحظ عادةً توازن مثالي بين العمق والنعومة، مع نوتات خشبية 🪵، أرضية 🌿، وبعض اللمسات الحلوة 🍯 والدخانية. ويستطيع البعض استشعار نفحات عشبية 🪴 لبعض الغابات.


- تأثير البيئة: ⛈️ نوعية التربة وموقع النمو وارتفاع الغابة عن سطح البحر (غابات الجبال) يلعب دوراً كبيراً جداً في عبق وزكاوة رائحة العود. أكيلاريا كراسنا تنمو بشكل أساسي في التربة الغنية والمناطق الاستوائية ذات الرطوبة العالية. نوع التربة ومستوى الرطوبة فيها يؤثران مباشرة على صحة الشجرة وجودة الراتنج الذي تنتجه. درجات الحرارة، وكمية الأمطار تؤثر على كيفية نمو الشجرة وكثافة الراتنج. الظروف المناخية المتقلبة في المناطق المتواجدة فيها فصيلة كراسنا تؤدي إلى زيادة إنتاج الراتنج كاستجابة للتوتر البيئي. غابات أشجار أكيلاريا كراسنا لها بيئات 🌤️ مختلفة متباينة مما أدى الى تكيفات وراثية جعلتها متأقلمة للظروف المحلية لكل غابة أو مزرعة وهذا الأمر أثر بدوره على خصائص الراتنج وشكل روائح فريدة ومتباينة لنفس الفصيلة. حيث يمتلك الخبراء القدرة على تمييز الغابة من خلال الرائحة.


كمبوديا 🇰🇭

كمبوديا، التي كانت لفترات طويلة مصدرًا رئيسيًا لعود الغابات النادر، شهدت تدهورًا كبيرًا في غاباتها المعمرة نتيجة للقطع 🪓 غير المنظم وغير القانوني. هذا الاستغلال المفرط أدى إلى تراجع حاد في أعداد أشجار العود الطبيعية، مما وضعها على حافة الانقراض. خلال فترة الحروب الأهلية في كمبوديا والنزاع مع فيتنام، والتي استمرت من عام 1967 حتى 1991، كان تهريب 🏴‍☠️ العود خارج البلاد يتم على نطاق واسع، مما أسهم في اندثار وتدهور الغابات الطبيعية وأشجار العود المميزة للبلاد.


مع انتهاء هذه الحروب 💣، نما الوعي بأهمية الحفاظ على الغابات والأنواع المهددة بالانقراض. تدخلت منظمات دولية ومحلية وبدأت في تسليط الضوء على أزمة تدهور غابات العود. ردًا على هذه التحديات، بدأت حكومة كمبوديا في تطبيق قوانين وسياسات أكثر صرامة لحماية الغابات. تضمنت هذه الإجراءات تحريم 🚨 وتجريم 🚔 القطع غير القانوني للأشجار، إلى جانب تأسيس محميات طبيعية وتعزيز تطبيق قوانين مكافحة قطع الأشجار.


على الرغم من هذه الجهود، استمرت مشاكل القطع غير القانوني وتهريب العود، مما أدى إلى استمرار تناقص أعداد أشجار العود الطبيعية. في مواجهة هذا التحدي، شهدت كمبوديا تحولًا نحو استزراع أشجار العود كحل مستدام ♻️. وتحولت الكثير من غابات العود الطبيعية المنقرضة في كمبوديا إلى مزارع لشجرة العود.


- غابات بورسات (Pursat): 🌳 تقع في الجزء الغربي من كمبوديا، محاذية للحدود مع تايلاند. تتمتع هذه المنطقة بموقع استراتيجي بين الثقافات والأنظمة البيئية المتنوعة لكل من كمبوديا وتايلاند، مما يعزز من أهميتها البيئية والثقافية. تتميز بورسات بتنوع تضاريسها التي تشمل سهولاً خصبة، وتلالاً متوسطة الارتفاع، ومناطق جبلية شاهقة ⛰️، وهذا التنوع يساهم في خلق مواطن طبيعية متعددة تسهم في الغنى البيولوجي للمنطقة.


غابات بورسات تحتوي على تنوع بيولوجي غني يضم العديد من الأنواع النباتية 🍃 والحيوانية، بما في ذلك أشجار العود. المناخ في المنطقة يتميز بكونه استوائياً موسمياً، حيث يتخلله موسم أمطار غزيرة 🌧️ وفترة جافة. هذا التنوع المناخي يسهم في تكوين بيئات مختلفة تتراوح بين الغابات المطيرة والغابات الجافة، مما يوفر بيئة مثالية للتنوع البيولوجي.


التربة في بورسات تتنوع بين الخصبة في السهول والأكثر جفافاً في المناطق الجبلية، مما يسمح بدعم أنواع متنوعة من النباتات والحيوانات. هذا التنوع في التربة والمناخ 🌤️ يساهم في تعزيز النظم البيئية المتنوعة في المنطقة، مما يجعلها موطنًا مثاليًا لعدة أنواع نباتية وحيوانية، بما في ذلك أشجار العود النادرة.


- غابات كوه كونج (Koh Kong): 🌳 الواقعة في جنوب غرب كمبوديا، تمثل واحدة من أبرز المناطق البيئية في البلاد، متضمنة مجموعة فريدة من الجزر الاستوائية 🏝️وقطاعات متنوعة من البر الرئيسي. تقع هذه المنطقة بالقرب من الحدود مع تايلاند وتطل على خليج تايلاند، مما يعزز من أهميتها كنقطة تقاطع للتنوع البيولوجي البحري والبري.


كوه كونج تشتهر بغاباتها المطيرة 🌧️ الكثيفة وشواطئها الرملية البكر 🏖️ التي تعد من بين أجمل الشواطئ في المنطقة. التضاريس في كوه كونج متنوعة، تتراوح بين المناطق الجبلية الخضراء ⛰️ والسواحل ذات المناظر الطبيعية الخلابة، مما يسهم في خلق بيئة مثالية للتنوع البيولوجي.


المناخ في كوه كونج استوائي رطب، يتميز بموسم أمطار غزيرة وفترة جافة واضحة. هذا المناخ يلعب دورًا حيويًا في دعم الغابات الكثيفة 🌳 والتنوع البيولوجي الغني، حيث يوفر الظروف المثالية لنمو مجموعة واسعة من النباتات والحيوانات، سواء البحرية أو البرية.


التربة في المناطق الساحلية من كوه كونج تميل إلى أن تكون رملية، مما يفيد النظم البيئية الساحلية مثل الشعاب المرجانية، في حين أن المناطق الداخلية الجبلية تحتوي على تربة أكثر خصوبة، مما يساهم في دعم غابات 🌳 مطيرة غنية ومتنوعة. هذا التنوع في التربة والمناخ يعزز من الثراء البيئي لكوه كونج، مما يجعلها موطنًا لنظم بيئية متنوعة ومهمة.


- غابات بايلين (Pailin): 🌲 الواقعة في شمال غرب كمبوديا بالقرب من الحدود مع تايلاند، تُعرف بتاريخها العريق المرتبط بصناعة التعدين، وبالأخص تعدين الأحجار الكريمة 💎 كالياقوت والزفير. هذه المنطقة غنية بتضاريسها المتنوعة التي تتراوح بين التلال والغابات الكثيفة، مما يعكس تاريخها الجيولوجي وتكيفها عبر العصور.


بايلين تتميز بمناخها الاستوائي الرطب، حيث يسهم موسم الأمطار 🌦️ في دعم الحياة البرية وتنوع النباتات. التنوع البيولوجي في هذه المنطقة قد تأثر بالأنشطة البشرية، خاصة التعدين والزراعة، ولكنه ما زال يحتفظ بثراء طبيعي مميز. التربة في بايلين تشهد تأثيراً مباشراً من تاريخها الجيولوجي والتعديني، مما يسهم في تكوين خصائص تربة متنوعة وفريدة من نوعها.


المناطق الجبلية ⛰️ والغابات في بايلين توفر مواطن طبيعية لأنواع مختلفة من النباتات والحيوانات، مما يجعلها مركزًا مهمًا للتنوع البيولوجي في المنطقة. هذه التنوع البيئي يساهم في جعل بايلين منطقة جذابة للباحثين عن العود وعشاق الطبيعة على حد سواء. وبسبب اندثار غابات العود الطبيعية وشح الاستثمار في زراعة أشجار العود في هذه المنطقة، يعتبر عود بايلين من المنتجات قليلة الانتشار والتواجد.


- غابات بيجينال (‏Pech Chenda): 🌲 بيجينال، المعروفة أيضًا باسم بيتشيندال، تقع في شمال غرب كمبوديا، في مقاطعة بانتي مينشاي. هذه المنطقة تعد واحدة من المناطق الأكثر نائية في البلاد. تتميز بيجينال بتضاريسها الجبلية ⛰️ وغاباتها الكثيفة، وهي تعد من بين الغابات الأكثر كثافة في كمبوديا. المناخ في بيجينال استوائي رطب، مع مستويات عالية من الأمطار التي تدعم نمو الغابات والتنوع البيولوجي. الغابات تحتوي على تنوع واسع من النباتات والحيوانات. التربة في بيجينال خصبة ومناسبة لنمو الغابات الكثيفة، مما يسهم في دعم أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات، بما في ذلك أشجار العود. العود الذي كان يستخرج من بيجينال جبلي. ومع انقراض كثير من الغابات هناك و وعورة المنطقة وبعدها، وتجريم قطع 🪓 أشجار الغابات وبناء المحميات. إضافة إلى ذلك مزارع أشجار العود هناك غير متقدمة ونادرة. نلاحظ ندرة العود المستخرج من هذه المنطقة وندرة تداوله في الأسواق.


كنتم معنا في رحلة استكشافية معمقة لغابات العود الساحرة في كمبوديا 🇰🇭 🌳، حيث تحدثنا عن الفصيلة الثانية لشجرة العود، أكيلاريا كراسنا، وأبرزنا تأثير البيئة المحيطة على خصائص الراتنج الفريد 🍃. استعرضنا معكم تحديات الحفاظ على هذه الأشجار الثمينة في وجه القطع غير المنظم وغير القانوني 🪓، وكيف أسهمت الحروب وتهريب العود 🏴‍☠️ في تفاقم هذه التحديات مما ادى إلى انقراض واندثار الكثير من الغايات الطبيعية المعمرة. رغم هذه الصعوبات، رأينا كيف تبنت كمبوديا ومنظمات دولية مبادرات لحماية هذه الغابات وتشجيع الاستزراع المستدام لأشجار العود ♻️.


من خلال زيارتنا لغابات بورسات، وكوه كونج، وبايلين، وبيجينال، اكتشفنا التنوع البيولوجي الغني والمتفرد الذي تقدمه هذه المناطق 🌲، وأهمية الحفاظ على هذه النظم البيئية المتنوعة لمستقبل العود وثقافته العريقة. في ختام هذه الرحلة، نأمل أن نكون قد أثرينا معرفتكم وأبرزنا أهمية الحفاظ على هذه الغابات الثمينة، لضمان استمرارية تراث العود الكمبودي للأجيال القادمة 🌏.